مرض السكري أصبح واحدًا من أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا حول العالم، ويؤثر بشكل خاص على العديد من الأفراد في المملكة العربية السعودية. مع زيادة الوعي الصحي، بات من المهم معرفة التفاصيل الدقيقة عن هذا المرض، من الأعراض التي قد تشير إلى الإصابة، إلى الأسباب الكامنة وراءه، وصولًا إلى الخيارات العلاجية التي تتيح للمصابين تحسين نوعية حياتهم
ما هو مرض السكري؟
السكري هو حالة صحية تنشأ عندما يرتفع مستوى السكر (الجلوكوز) في الدم بشكل غير طبيعي. السبب الرئيسي لهذه الحالة هو وجود خلل في إنتاج الأنسولين، وهو هرمون أساسي يفرزه البنكرياس. قد يكون الخلل ناجمًا عن قلة إفراز الأنسولين أو عدم استجابة الجسم له بشكل فعال
الجلوكوز هو المصدر الرئيسي للطاقة في الجسم، ويتم الحصول عليه من الكربوهيدرات الموجودة في الأطعمة والمشروبات. في الظروف الطبيعية، يقوم الأنسولين بدور "المفتاح" الذي يسمح للجلوكوز بدخول الخلايا ليتم استخدامه كطاقة. عندما يتعطل هذا النظام، يتراكم الجلوكوز في الدم، ما يؤدي إلى ارتفاع السكر ويزيد من مخاطر الإصابة بمضاعفات صحية خطيرة
أنواع السكري
هناك عدة أنواع من مرض السكري، ولكل نوع خصائصه الخاصة
السكري من النوع الثاني
الأكثر شيوعًا عالميًا
يحدث نتيجة قلة إنتاج الأنسولين أو مقاومة الخلايا له
غالبًا ما يرتبط بالسمنة وقلة النشاط البدني
يؤثر عادةً على البالغين، ولكنه قد يصيب الأطفال أيضًا
السكري من النوع الأول
مرض مناعي ذاتي
يهاجم الجهاز المناعي الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس
يُشخَّص غالبًا في مرحلة الطفولة أو الشباب
ما قبل السكري
حالة يكون فيها مستوى السكر في الدم أعلى من الطبيعي ولكنه لا يصل إلى درجة التشخيص بالسكري
إنذار مبكر لاتخاذ خطوات وقائية
سكري الحمل
يصيب بعض النساء خلال فترة الحمل
غالبًا ما يختفي بعد الولادة، ولكنه يزيد من خطر الإصابة بالنوع الثاني لاحقًا
أنواع نادرة أخرى
سكري حديثي الولادة: يظهر في الأشهر الأولى من الحياة
السكري الناتج عن تلف البنكرياس: يحدث نتيجة أمراض أو إصابات مباشرة للبنكرياس
سكري المناعة الذاتية البطيء في البالغين (LADA): يشبه النوع الأول ولكنه يتطور ببطء
أعراض مرض السكري
مرض السكري قد يظهر بأعراض متنوعة تختلف حسب نوع السكري وسرعة تطوره. من المهم أن نكون على دراية بالتغيرات غير الطبيعية في الجسم مثل الجوع المفرط، انخفاض الطاقة، أو حتى تغيرات في التبول، حيث أن الكشف المبكر يمكن أن يساهم في الوقاية من المضاعفات الخطيرة
الأعراض العامة لمرض السكري: تشمل الأعراض المشتركة بين الأنواع المختلفة زيادة التبول بشكل متكرر، الشعور المستمر بالتعب رغم عدم بذل مجهود كبير، وخز أو تنميل في اليدين والقدمين، زيادة الجوع أو العطش حتى مع تناول الطعام بشكل منتظم، جروح تأخذ وقتًا طويلًا للشفاء، بالإضافة إلى رائحة نفس تشبه رائحة الفاكهة أو الحلوى
أعراض النوع الأول
مرض السكري من النوع الأول غالبًا ما يظهر بشكل مفاجئ دون أي مقدمات. يمكن أن تشمل الأعراض
عطش مفرط وغير طبيعي: تشعر بحاجتك لشرب الماء بشكل دائم
الجوع المستمر: رغم تناول الطعام بشكل طبيعي، تظل تشعر بالجوع
جفاف الفم: إحساس دائم بالجفاف حتى مع شرب كميات كافية من الماء
التبول المتكرر: الذهاب المتكرر لدورة المياه بمعدل يفوق المعتاد
فقدان الوزن غير المبرر: تلاحظ انخفاضًا في وزنك رغم عدم تغيير نظامك الغذائي
الإرهاق الشديد: تشعر بالتعب المستمر وغير المبرر
تشوش الرؤية: صعوبة في رؤية الأشياء بوضوح
أعراض النوع الثاني
أعراض النوع الثاني من السكري تظهر عادة بشكل تدريجي، مما يجعلها أحيانًا صعبة الملاحظة وتشمل
العطش والجوع المفرطين
التبول المتكرر
فقدان الوزن دون سبب واضح
تقرحات بطيئة الالتئام: الجروح تحتاج وقتًا أطول من المعتاد لتلتئم
زيادة الالتهابات: تكرار الإصابة بالعدوى الجلدية أو الالتهابات بشكل أكبر
تشوش الرؤية والتعب
من المهم الانتباه لهذه الأعراض خاصة إذا كنت في منتصف العمر أو تعاني من السمنة أو لديك تاريخ عائلي مع مرض السكري
أعراض سكري الحمل
سكري الحمل قد يكون صامتًا ولا يسبب أعراضًا ملحوظة في كثير من الحالات، حيث يُكتشف غالبًا أثناء الفحوصات الروتينية. ومع ذلك، قد تلاحظ بعض النساء
زيادة العطش
التبول المتكرر بكميات أكبر من المعتاد أثناء الحمل
الإرهاق: وهو عرض طبيعي أثناء الحمل، لكن قد يكون أكثر وضوحًا مع سكري الحمل
التعامل المبكر مع الأعراض ومعرفة دلالاتها يُعد خطوة مهمة للتحكم في مرض السكري ومنع تفاقمه. إذا لاحظت أيًا من هذه العلامات، فلا تتردد في استشارة طبيب متخصص
ما هي أسباب مرض السكري؟
مرض السكري يمكن أن ينتج عن عدة عوامل متداخلة تتفاوت حسب نوع السكري. بشكل عام، الأسباب تتضمن العوامل الوراثية، ونمط الحياة، والتغيرات الجسدية التي تؤثر على عمل الأنسولين. هنا نظرة تفصيلية لكل نوع
أسباب النوع الأول من السكري
مرض السكري من النوع الأول يحدث نتيجة خلل في جهاز المناعة، حيث يهاجم الجهاز المناعي الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس بدلاً من مهاجمة الفيروسات أو البكتيريا. هذا التدمير يمنع الجسم من إنتاج الأنسولين اللازم لتحويل السكر إلى طاقة، مما يؤدي إلى تراكم السكر في الدم
العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي للإصابة قد يزيد من خطر الإصابة
العوامل البيئية: بعض الأمراض الفيروسية قد تكون محفزًا لهذا الخلل المناعي
خلل في المناعة: السبب الدقيق لهذه الاستجابة غير معروف، لكن من المؤكد أن الجهاز المناعي يلعب الدور الأكبر
أسباب النوع الثاني من السكري
السكري من النوع الثاني يرتبط بشكل وثيق بالعادات اليومية والصحية. في هذا النوع، تصبح خلايا الجسم مقاومة للأنسولين، مما يمنعها من استخدامه بكفاءة، فيتراكم السكر في الدم
العوامل المؤثرة
النظام الغذائي غير الصحي
الإكثار من تناول الكربوهيدرات والسكريات والدهون المشبعة
الخمول وقلة النشاط البدني
عدم ممارسة الرياضة يزيد من مقاومة الجسم للأنسولين
زيادة الوزن
السمنة تضعف قدرة الجسم على استخدام الأنسولين بشكل طبيعي
الضغط العصبي والإجهاد
التوتر المستمر قد يؤدي إلى أنماط حياة غير صحية، مثل الإفراط في تناول الطعام أو قلة النوم
الإفراط في شرب الكحول
الكحول يؤثر على استجابة الجسم للأنسولين ويزيد من خطر الإصابة
أسباب سكري الحمل
سكري الحمل يظهر نتيجة عجز الجسم عن إنتاج الكمية الكافية من الأنسولين لتلبية احتياجات كل من الأم والجنين أثناء الحمل. هذا الخلل يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم
التغيرات الهرمونية: تؤثر على كيفية استجابة الجسم للأنسولين
الضغط الجسدي خلال الحمل: يجعل الجسم يحتاج إلى مزيد من الأنسولين
السمنة قبل الحمل: قد تزيد من خطر الإصابة بسكري الحمل
مضاعفات مرض السكري
إهمال التحكم في مستويات السكر في الدم قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تشمل
مشاكل القلب والأوعية الدموية
أمراض الشرايين التاجية
السكتات الدماغية
تلف الأعصاب (الاعتلال العصبي)
يؤدي إلى تنميل وآلام مزمنة
مشاكل الكلى
الفشل الكلوي قد يتطلب غسيلًا أو زراعة كلى
مشاكل العين
اعتلال الشبكية السكري قد يسبب فقدان البصر
مشاكل القدم
التقرحات التي قد تصل إلى حد البتر
علاج مرض السكري
تختلف طرق علاج السكري باختلاف نوعه وحالة المريض. بينما يمكن لبعض الحالات الخفيفة، مثل مرحلة ما قبل السكري، أن تُدار من خلال تغييرات في نمط الحياة، تحتاج الأنواع الأخرى إلى تدخل طبي أكثر تعقيدًا. لذا، يُنصح دائمًا باستشارة طبيب مختص لتحديد العلاج المناسب
علاج السكري من النوع الأول
هذا النوع يتطلب استخدام الأنسولين بشكل دائم لتعويض نقصه في الجسم. الأنواع المختلفة من الأنسولين تشمل
الأنسولين قصير المفعول: يُستخدم لخفض مستوى السكر سريعًا بعد الوجبات
الأنسولين متوسط المفعول وطويل المفعول: يساعد في السيطرة على مستويات السكر على مدار اليوم
بالإضافة إلى ذلك
مراقبة النظام الغذائي: يجب الاهتمام بتوازن الكربوهيدرات والبروتينات والدهون لتجنب ارتفاع مفاجئ في السكر
متابعة مستويات الجلوكوز بشكل منتظم: باستخدام أجهزة قياس السكر لضمان استقرار الحالة
علاج السكري من النوع الثاني
يبدأ علاج هذا النوع غالبًا بتغيير نمط الحياة، مثل اتباع نظام غذائي صحي وزيادة النشاط البدني. في حال لم تكن هذه التغييرات كافية، يمكن للطبيب وصف أدوية تساعد في إدارة مستويات السكر، منها
ميتفورمين: لتحسين استجابة الجسم للأنسولين وتقليل إنتاج السكر في الكبد
سلفونيل يوريا: لتحفيز إنتاج الأنسولين في البنكرياس
ناهضات مستقبل الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1: لتحسين إفراز الأنسولين وتقليل الشهية
مثبطات SGLT2: تساعد الكلى في التخلص من السكر الزائد
الأنسولين: قد يُوصى به في بعض الحالات التي لا تستجيب للعلاجات الأخرى
علاج سكري الحمل
سكري الحمل يحتاج إلى عناية خاصة لأنه يؤثر على الأم والجنين معًا. العلاج يشمل:
اتباع نظام غذائي صحي: يحتوي على نسب متوازنة من العناصر الغذائية
ممارسة الرياضة بشكل منتظم: لتقليل مقاومة الأنسولين
مراقبة مستويات السكر بانتظام: لضمان بقائها ضمن النطاق الطبيعي
حقن الأنسولين: قد تكون ضرورية لـ 10-20% من النساء المصابات إذا لم تكن التمارين والنظام الغذائي كافيين
الوقاية من مرض السكري
رغم أنه لا يمكن الوقاية من جميع أنواع السكري، إلا أن اتباع عادات صحية يقلل من خطر الإصابة بالنوع الثاني وسكري الحمل
اتباع نظام غذائي صحي
زيادة تناول الخضروات والفواكه الطازجة
تقليل السكريات والدهون المشبعة
النشاط البدني
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لمدة 30 دقيقة يوميًا
المحافظة على وزن صحي
إجراء فحوصات دورية لاكتشاف أي علامات مبكرة
الخلاصة
مرض السكري ليس مجرد حالة طبية، بل هو تحدٍ يتطلب التزامًا دائمًا. مع التوعية والإدارة الصحيحة، يمكن للمصابين أن يعيشوا حياة صحية ومنتجة. إذا كنت أو أحد أفراد عائلتك يعاني من السكري، فإن مراكز متخصصة مثل مركز دياكير تقدم الرعاية الشاملة التي تحتاجها لإدارة هذا المرض بطريقة فعالة
ابقَ على اطلاع على حالتك، وتذكر أن الخطوة الأولى نحو حياة أفضل تبدأ بمعرفة دقيقة وشاملة عن مرض السكري